سورة الإسراء - تفسير تفسير الواحدي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الإسراء)


        


{قل كلٌّ يعمل على شاكلته} على مذهبه وطريقته، فالكافر يعمل ما يشبه طريقته من الإِعراض عند الإِنعام، واليأس عند الشدَّة، والمؤمن يفعل ما يشبه طريقته من الشكر عند الرَّخاء، والصَّبر والاحتساب عند البلاء، ألا ترى أنَّه قال: {فربكم أعلم بمن هو أهدى سبيلاً} أَيْ: بالمؤمن الذي لا يُعرض عند النِّعمة ولا ييئس عند المحنة.
{ويسألونك} يعني: اليهود {عن الروح} والرُّوح: ما يحيا به البدن، سألوه عن ذلك وحقيقته وكيفيَّته، وموضعه من البدن، وذلك ما لم يُخبر الله سبحانه به أحداً، ولم يُعط علمه أحداً من عبادِه، فقال: {قل الروح من أمر ربي} أَيْ: من علم ربِّي، أَيْ: إنَّكم لا تعلمونه، وقيل: من خلق ربِّي، أيْ: إنَّه مخلوقٌ له. {وما أوتيتم من العلم إلاَّ قليلاً} وكانت اليهود تدَّعي علم كلِّ شي بما في كتابهم، فقيل لهم: وما أوتيتم من العلم إلاَّ قليلاً بالإِضافة إلى علم الله تعالى.
{ولئن شئنا لنذهبنَّ بالذي أوحينا إليك} لنمحونَّه من القلوب ومن الكتب حتى لا يوجد له أثر {ثم لا تجد لك به علينا وكيلاً} لا تجد مَنْ تتوكَّلُ عليه في ردِّ شيءٍ منه.


{إلاَّ رحمة من ربك} لكنَّ الله رحمك فأثبت ذلك في قلبك وقلوب المؤمنين {إن فضله كان عليك كبيراً} حيث جعلك سيِّد وَلدِ آدم، وأعطاك المقام المحمود.
{قل لئن اجتمعت الإِنس والجن...} الآية. لمَّا تحدَّاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بالقرآن وعجزوا عن معارضته أنزل الله: {قل لِئن اجتمعت الإِنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن} في نظمه وبلاغته {لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيراً} مُعيناً مثل ما يتعاون الشعراء على بيت شعرٍ فيقيمونه.
{ولقد صرَّفنا} بَيَّنّا {للناس في هذا القرآن} لأهل مكَّة {من كلِّ مثل} من الأمثال التي يجب بها الاعتبار {فأبى أكثر الناس} أكثر أهل مكَّة {إلاَّ كفوراً} جحوداً للحقِّ، واقترحوا من الآيات ما ليس لهم، وهو قوله تعالى: {وقالوا لن نؤمن لك} لن نصدِّقك {حتى تفجر} تشقق {لنا من الأرض ينبوعاً} عيناً من الماء، وذلك أنَّهم سألوه أَن يجريَ لهم نهراً كأنهار الشَّام والعراق.
{أو تكون لك جنَّة...} الآية. هذا أيضاً كان فيما اقترحوه عليه.
{أو تسقط السماء كما زعمت} أنَّ ربَّك إن شاء فعل ذلك {كسفاً} أَيْ: قطعاً {أو تأتي بالله والملائكة قبيلاً} تأتي بهم حتى نراهم مقابلةً وعياناً.
{أو يكون لك بيتٌ من زخرف} من ذهبٍ، فكان فيما اقترحوا عليه أن يكون له جنَّاتٌ وكنوزٌ وقصورٌ من ذهبٍ {أو ترقى في السماء} وذلك أنَّ عبد الله بن أبي أُميَّة قال: لا أؤمن بك يا محمَّد أبداً حتى تتَّخذ سلماً إلى السماء، ثمَّ ترقى فيه وأنا أنظر حتى تأتيها، وتأتي بنسخةٍ منشورةٍ معك، ونفر من الملائكة يشهدون لك أنَّك كما تقول، فقال الله سبحانه: {قل سبحان ربي هل كنت إلاَّ بشراً رسولاً} أَيْ: إنَّ هذه الأشياء ليس في قوى البشر.
{وما منع الناس} يعني: أهل مكَّة {أن يؤمنوا} أَيْ: الإِيمان {إذ جاءهم الهدى} البيان، وهو القرآن {إلاَّ أن قالوا} إلاَّ قولهم في التَّعجب والإِنكار: {أبعث الله بشراً رسولاً} أَيْ: هلاَّ بعث مَلَكاً، فقال الله تعالى: {قل لو كان في الأرض} بدل الآدميين {ملائكة يمشون مطمئنين} مستوطنين الأرض {لنزلنا عليهم من السماء ملكاً رسولاً} يريد: إنَّ الأبلغ في الأداء إليهم بشرٌ مثلهم.


{ونحشرهم يوم القيامة على وجوههم عمياً} يمشيهم الله سبحانه على وجوههم عُمياً لا يرون شيئاً يسرُّهم {وبكماً} لا ينطقون بحجَّةٍ {وصماً} لا يسمعون شيئاً يسرُّهم {كلما خبت} أَيْ: سكن لهبها {زدناهم سعيراً} ناراً تتسعر.

1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8